صحابي جليل من السابقين إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وكان ممن عذّبوا في الله عذاباً شديداً، فهاجر إلى المدينة المنورة وشهد المشاهد كلها مع الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلا غزوة بدر (فقد خرج بأمر من رسول الله يتحسس أخبار المشركين بالشام) ويوم غزوة أُحد كان طلحة يقف بجانب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدافع عنه ويصدّ عنه أذى المشركين، وبينما هو في أوج قتاله وإذا به يرى رسول الله والدماء تسيل من وجنتيه، فقفز أمام النبي يضرب المشركين يمنة ويسرة حتى أبعدهم عن النبي الكريم، ثم سنده وحمله بعيداً عن الحفرة التي زلّت فيها قدمه الشريفة، ورجع إلى المعركة.
يحدثنا أبو بكر (رضي الله عنه) عن المعركة فيقول: "كنت أول من جاء إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال لي رسول الله ولأخي أبي عبيدة: "دونكم أخاكم" ونظرنا وإذا به طلحة فيه بضع وسبعون بين طعنة وضربة ورمية، وإصبعه مقطوعة، فأصلحنا من شأنه) وفيه نزل قوله تعالى: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً". وبعد أن تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية أمام الصحابة الكرام، أشار إلى طلحة قائلاً: "من سرّه أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض، وقد قضى نحبه، فلينظر إلى طلحة).
وكان النبي الكريم يسميه بعد كل معركة يخوضها، فيوم أُحد سماه بـ "طلحة الخير" ويوم حنين بـ "طلحة الجود"، ويوم العسرة بـ "طلحة الفياض". كان (رضي الله عنه) ثرياً كثير المال، كثير الصدقات.. وأكثر الناس براً بأهله وأقاربه، يقول السائب بن زيد: صحبت طلحة بن عبيد الله في السفر والحضر فما وجدت أحداً أعمّ سخاءً على الدرهم والثوب والطعام من طلحة).